نشوة الروح للشاعر العربي الكبير عبد القاد محمد الأسود

نَشوةُ الروح

يا حانةَ الروحِ في صَحْوي وَفي حُلُمي

أَنْخابُ عِشقِك تسري نشوةً بِـدَمي

لم يُبقِ لحظُكِ مـني غَـيْرَ مُستَلَبٍ

إلَّا عَلى رَوْضِـكِ الفَتَّـانِ لم يَهِمِ

مَن أَنْـتِ؛ صانعـتي مِنْ لَهْفَةٍ ورُؤى؟

مَن أَنـتِ يا لَـوحِيَ المَحْـفوظَ يا قَلَـمي

سِرٌّ مِـنَ اللهِ حَـلَّ الطِّـينَ فارتعشَـتْ

أَوصالُهُ وَسَــرَى الإحساسُ في الأَدَمِ

حَبَّاتُ تُرْبٍ بماءِ اللُّطْفِ قـد جُـبِلتْ

للحُبِّ .. للحُزْنِ .. لِلأَشْـواقِ .. للأَلَمِ

فيها انْطَوَى سِرُّ هَذَا الكَوْنِ واخْتُصِرَتْ

كُلُّ العَـوالِـــمِ مِنْ نُورٍ وَمِنْ ظُـلَمِ

حتَّى اسْتَحَـقَّـتْ سُجودَ العالمَـينَ بما

أَبْـدَى بِها اللهُ مِنْ عِـلْمٍ وَمِنْ حِكَـمِ

فِيكِ الخِلاـفَةُ، والـنَّعْـماءُ قَـدْ كَمُلَـتْ،

والعَـقْـلُ أَعْـظَـمُ ما أُوتِـيـتِ مِنْ نِعَمِ

في جِسْمِكِ الـبَـضِّ أَخْـفَى اللهُ قُـدْرَتَهُ

فـَقَـدَّرَ الخَلـقَ والـتَكْوينَ في الـرَّحِمِ

وأَبدعَ النَّهـدَ، وافْـتَـنَّ الإلهُ بِهِ

فَأَوْدَعَ اللَّـبَنَ المَعْسُولَ فِي الحَـلَمِ

في كلِّ عِـطْـفٍ تَـبَدَّى حُسْـنُ صَـنْعتِهِ

وازَّخْرَفَـتْ جَـنَّةٌ مَخْـمورَةُ النَّسَـمِ

يا نَبْعَةَ الخَلْقِ .. جَـلَّ اللهُ مُـبـدِعُها

يا آيَةً صــاغَها الــرَّحْمَـنُ مِنْ عَـدَمِ

منْكِ ابْـتُدِيـتُ، وأُسْكِنْتُ الحَشا، وَعَلَى

دَقَّـاتِ قـلبِـكِ غَنَّى للجَـمالِ فَمِي

أنـتِ الحَـنانُ وقـد أُرْضِعْـتُهُ لَـبَنًا

والعَطْفُ وَاللُّطْفُ مِنْ مَكْنُـونِـكِ الرَّخِمِ

دِيـباجُ صَدْرِكِ مَهْدي، مَا أَحَـبَّ وَمَـا

أَهْنَـا وَمَـا أَسْعَـدَ الأَحْلامَ إِنْ أَنَـمِ

ما زِلْـتُ طِفْلَكِ، والنَّـهْدانِ مَا بَرِحَا

تُـفَّاحَـتيَّ، وحُـلْمي لَمْ يَــزَلْ حُلُمِي

قَدْ كُنْتِ فِي جَنَّةِ الأَرْواحِ سَوْسَنَتي

فَوَّاحَةَ العِطْرِ فيها سَكْرَةُ القِـدَمِ

ثُمَّ افْتَرَقْـنا، تُرَى يا حُـبُّ تَجَمَعُـنا؟

وا لَهْـفَ نَفْسِي، وَهَلْ تَحْـيا بِها رِمَمِي؟

مادامَ شَـوقي إِلَيْها نَبْ
ـضَ قَـافِيَـتي

فَالجَمْرُ فِي كَبِدي وَالخَمْرُ فِي قَـلَمي

عبدُ القادِر الأَسْودِ

________________________________________

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملئت العيون للشاعر رضا سعد

يقنطني العباد وانت ربي للشاعر العربي شادي المرعبي

عاش الشعب للشاعرة عواطف البو زيدي